الحيــــــــاء والخجـــــــل ..
ما الفرق بين الحياء والخجل ؟
حقيقة يخلط الكثير بين مفهوم الحياء ومفهوم الخجل ويظن البعض أنهم مترادفين ، والحقيقة أن المفهومين في غاية الاختلاف عن بعضهما ولا يوجد أي تشابه بينهما بل إن أحدهما محمود والأخر مذموم.
الحياء ..
الحياء هو شعبة من شعب الإيمان وهو التزام مناهج الفضيلة وآداب الإسلام ،
الحياء خلق كريم يمنع صاحبه من فعل القبيح والتقصير في حق الغير، بعكس الخجل فإنه ـ كما ذكرنا ـ ربما يمنع صاحبه مما ينفعه في دينه ودنياه، ويحمله على الوقوع فيما لا ينبغي، فالحياء خلق الإسلام الرفيع، وشعبة من شعب الإيمان العليا، فقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: الحياء شعبة من الإيمان.
رواه البخاري ومسلم.
وقال عنه: وما كان الحياء في شيء إلا زانه. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني. - وقال عنه: الحياء كله خير. رواه مسلم.
والحياء من الإيمان ، وكلما ازداد منه صاحبه ازداد إيمانه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ((الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان))((أخرجاه في الصحيحين )).
والحياء يصد عن قبيح الفعال وذميم الصفات .
إنه ليس من الحياء أن يسكت الإنسان على الباطل ، ليس منه أن تُعَطل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهذا جبن وخور وضعف ، وليس من الحياء في شيء ، قال النووي رحمه الله :" وأما كون الحياء خيراً كله ولا يأتي إلا بخير فقد يُشكل على بعض الناس من حيث إن صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يجلُّه ، فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق ، وغير ذلك مما هو معروف في العادة . وجواب هذا ما أجاب به جماعة من الأئمة ؛ منهم الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله : أن هذا المانع الذي ذكرناه ليس بحياء حقيقة ، بل هو عجز وخور ومهانة ، وإنما تسميته حياء من إطلاق بعض أهل العرف ، أطلقوه مجازاً لمشابهته الحياء ".((شرح النووي على صحيح مسلم )).
وليس من الحياء أن يمتنع الإنسان من السؤال عن أمور دينه أو السؤال في اللجوء لعلاج المشكلات الصحية أو النفسية أو الاستشارة ، فالحياء يبعث على الخير ولا يصد عنه .
ولذا مَدحت عائشة رضي الله عنها نساء الأنصار بقولها :" رحم الله نساء الأنصار ، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين ".((صحيح مسلم))وجاء إليها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال : يَا أُمَّاهْ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ ؟ فَقَالَتْ : لَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ . قُلْتُ : فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ ؟ قَالَتْ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :(( إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ))((صحيح مسلم)). وجاءت أم سُليم رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائلةً : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :((إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ))((أخرجه الشيخان))
فإذا لم يقدر الإنسان على السؤال لعذر يقتضي الحياء فعليه أن يُرسل من يسأل له ، أو يهاتف الشيخ أو الطبيب أو المعالج ، أو يراسله ، فقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :" كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً وَكُنْتُ أَسْتَحْيِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ؛ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ ، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ :((يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ))((أخرجه الشيخان))
فاحذروا من أن يصدكم الشيطان عن سبيل العلم وسؤال أهله بإيهامكم أن هذا من الحياء، واجعل قول إمامنا مجاهد رحمه الله منك على بال " اثنان لا يتعلمان : حيي ومستكبر " ، وحقاً هذا ما نحن فيه في عصرنا هذا ضاع العلم وضاع الدين وانتشر الجهل والمعتقدات الخاطئة وخربت البيوت بسبب الكبر ثم الادعاء بالحياء وليس هذا حياء ولا يمت له بصلة ، ولكن هل تريدون أن تعلموا ما هو اسم هذا بعد عرضنا وأصلنا للحياء ، فهيا بنا نتحدث عن هذا الشيء المذموم الذي للأسف يصفه الجهال والمرضى والمعقدين مهما بلغت درجاتهم العلمية بأنه حياء ، والحياء بريء من هذا الفهم الخاطئ.
اذاً ما هو هذا الشبيه بالحياء ولكنه مذموم .. إنه الخجـــــــل ..
الخجـــــل..
تعريف الخجل في اللغة هو التحير والدهش والاسترخاء.. ويكون من الذلِّ وسوء التربية في الصغر، ويكون مذموما إذا كان يمنع صاحبه مما ينفعه في دينه ودنياه، أو يحمله على فعل ما لا ينبغي، ولا يقال عنه إنه حرام، لأنه طبيعة جبل عليها الشخص، فإذا أدى بصاحبه إلى التقصير في واجب أو الوقوع في محرم كان تقصيره في الواجب أو وقوعه في الحرام حراما.
والخجل هو عبارة عن عُقد نفسية ونقص في شخصية صاحبه ناتج عن تربية خاطئة أو عادات وتقاليد غير صحيحة أدت بصاحب الخجل إلى سلوكه هذا الذي يشبه الحياء ولكنه ليس بحياء فهو ناقص ويمنع كل خير والحياء لا يأتي إلا بالخير ،
والخجل في الأغلب يكون سببه نقصاً في شخصية الإنسان، إذ يشعر بأنّه أضعف من الآخرين ويكون غير قادر على مواجهتهم والتعبير عن رأيه بكل جرأة، حتى وإن كان على حق وصواب، وقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات في الشخصية ويكون عادة ضعيف اجتماعياً غير قادر على التعايش مع كل فئات وأصناف البشر، ويحاول الشخص الخجول تفادي الناس ويفضّل الصمت وإذا تحدّث معه أحدهم يتلعثم وتحمرّ وجنتاه ويتسبّب ذلك بإشعاره بالضيق والكبت وبهذا يفشل في الوصول إلى هدفه وطموحاته.
يترتب علي الخجل أضرار كثيرة مثل فوات مصالح أو ضياع حقوق أو ذلة في غير موضعها أو نحو ذلك .
أمثله على الخجل :
خجل صاحب الدَين وعجزه عن المطالبة بدينه وخجل الطالب من سؤال المعلم و خجل المريض من الذهاب للطبيب خاصة في الأمور الخاصة وخجل صاحبة المشكلة من عرضها على المتخصصين مثل ما يحدث معنا ، بل والأسوأ وهذا قمة المرض الخجل من قراءة مشكلة أحد ومساعدتها في حلها بدعوى الحياء وعدم القدرة على التحدث أمام الناس .
والحياء شعور نابع من الإحساس برفعة وقوّة وعظمة النفس، وهذا يختلف تماماً عن الخجل فكلّما رأيت نفسي رفيعة وعاليةَ استحييت أن أدنو بنفسي من الخطايا والآثام، فالشخص المتصف بالحياء لا يقدر أن يرتكب فحش أو يكذب حتى لو كان لا أحد يراه، فهو بذلك يستحي من الله الذي يعلم ما في السر والعلن، ولكن الخجول إذا أتيحت له الفرصة أن يفعل ذلك دون أن يراه أحد فعل دون مخافة من الله الذي يراه، فبالحياء تطمئن النفس وترتقي للأعلى والأفضل.
وخلاصة الفرق بين الحياء والخجل ..
الحياء شعبة من شعب الايمان ويأتي بكل خير والخجل نقص وعقد نفسية وتربية خاطئة ، ودعوني أخبركم على مقياس بسيط للتفريق بينهما بسهولة إذا عُرض عليكم كلام أو سلوك أو موقف لا يُنافي ولا يتعارض مع نص قرآني أو هدي نبوي وبه خير ويترتب عليه خير ، إذا وجدتم أنفسكم تبتعدون عنه وتتأذون منه فأعلمـــــــوا أن هذا ليس حياء بل هو خجل مذموم وعُقد نفسية توارثتموها عن مجتمعكم وأباءكم وتربية خاطئة زرعت بكم عادات وتقاليد خاطئة دمرتكم ودمرت أزواجكم وستمدر أبنائكم ، فلا تلصقوها بالدين والحياء فالدين والحياء بريء من هذا الخجل المذموم.
*** أما عن السؤال الثاني الذي طرحناه ملحق بسؤال ما هو الفرق بين الحياء والخجل ،
وهو هل ما يتم نشره في المجموعة ويتضايق منه البعض هل ما يحدث لهم هذا يسمى حياء أم خجل ؟
وطبعاً بعد أن عرضنا هذا العرض المفصل من القرآن والسنة والتربية وعلم النفس والخبرة ، فأصحاب العقول الناضجة والفطرة السليمة يسهل عليهم جداً الآن الإجابة ولكن سنجيب عليه لمن لم يعرف حتى الآن.
ما يتم عرضه في المجموعة هو علم ينتفع به وليس اباحية ولا انحلال أخلاقي كما يقول الجهال وحقيقة إن أخلاقهم هي التي انحلت عن الصواب ليقولوا ذلك فهم دعاة للجهل والابقاء على كل خطأ دون تغيير ومن تجد نفسها تتأذى من ذلك النشر نقول لها يا عزيزتي بكل ما أتانا الله عز وجل من علم وخبرة في الدين وعلم النفس والصحة النفسية أنتي تعاني من خجل وعقد نقص وتربية وتعاليم خاطئة وليس هذا حياء بل اسمه خجل وهو مذموم دينياً ونفسياً ، وعليك أن تعترفي بمشكلتك هذه في الخجل ونحن على استعداد أنخلصك من ذلك الخجل المذموم بوقتنا وعلمنا .
ودليل قوي على أنه خجل ونأخذ مما سبق وذكرناه في صفات من يخجل ومن يستحي ،
قلنا أن الحياء خير ويدعوا للخير ولا يأتي إلا بالخير وما ننشره نزعم أنه خير ولا يأتي إلا بالخير وهذا الرأي ليس رأي أفراد بل رأي الآلاف وفيهم أهل العلم والدراية وأهل الدين.
أما الخجل فقلنا أنه يمنع كل خير ويعطل المصالح ويضيع الحقوق ويؤدي بصاحبه للعيش مع أناس يؤذوه وفي أوضاع لا تنبغي والاستمرار في علاقات لا تصلح وكل هذا الصمت نتيجة الخجل وليس الحياء.
وقلنا أن الحيي مهما أتيحت له الفرصة والسبل للخطأ لا يُخطيء أما الخجول في أول فرصة ينتظر غياب أنظار الناس ويفعل ما يريد.
ودليل أنكم تخجلون وليس لما تقولوه علاقة بالحياء أن معظم المشكلات التي عرضناها وكان فيها تفاصيل شديدة وقولتم أنها خدشت حياءكم وأيضاً المنشورات التي بها تربية جنسية مثل سلسة نحو حياة جنسية أفضل .. كلها منشورات طويلة جداً وبها سطور عديدة وكلام كثير ومع ذلك تابعتموها كلمة كلمة وقرأتموها وأرهقتم أعينكم ثم جئتم علينا لتقولوا خدش حياء وتابعتم مشكلة تلو مشكلة ومنشور تلو منشور .
أفاجئكم أن الأمر لو متعلق بالحياء كنتم قد انسحبتم فوراً ولم تنطقوا حتى بكلمة ولكن يا عزيزاتي هذا خجل أنتم خجلتم مما يُُعرض وصادف عند البعض منكم مشكلة ما لديهم أو نقص في شيء .
وأنهي مقالي هذا بأمر لم يخطر على بال أحد من المهاجمين ولعل الله أرسله إلى خاطري أثناء الكتابة لتتضح الأمور ويظهر الحق ألا وهو مواقع الاستشارات الدينية لكبار المشايخ والعلماء مثل موقع الشيخ ابن عثيمين وموقع الشيخ محمد صالح المنجد وموقع الدكتور محمد عبد السلام المقدم واسلام ويب وشبكة الألوكة وغيرهم كثير .. أطلب منكم هداكم الله أن تُلقوا نظرة سريعة على الأسئلة الواردة والفتاوى وهم علماءنا وسادتنا ومشايخنا ويتم نشر ذلك على الملاً أمام الملايين أضعاف أضعاف مجموعتنا وفيها من الكلام الجنسي وزنا المحارم والخيانة الزوجية والانحرافات الأخلاقية وغيرها ويكون السؤال بألفاظ خارجة وعامية أكثر بكثير مما نعرضه في المجموعة ، ومع ذلك يجيب مشايخنا وعلمائنا على كل الأسئلة وينشروها على الملأ ويشاهدها الملايين ولا يقولون أن ذلك يتنافى مع الحياء ،
كذلك الأمر في المواقع الطبية تُعرض الأسئلة على الأطباء وبها ما بها من مشاكل خاصة ويجيبوا عليها على الملأ ويشاهدها الجميع ، هل جاء عندنا الأمر وأصبح خادش للحياء.
الأمر الثاني : لا ننسى المكان الذي نعرض فيه وننشر فيه ألا وهو شبكة الانترنت أي الانفتاح على العالم وتيسير كل شيء ولا شك أن من جاءت موقع أو صفحة لنا جاءت للتعلم وجاءت من أجل العلم والتوعية ليس من أجل أن تبحث عندنا على ما يُفسد أخلاقها ويُعلمها الرذيلة وهذا رداً على من يقول أن الناس ستتعلم الانحلال الأخلاقي من كلامنا ، لو أراد أحد ذلك لن يأتي إلينا فأماكن الانحلال كثيرة وبضغطة زر في هذه الشبكة العنكبوتية ينتقل من يريد إلى الاباحية والانحلال صوت وصورة.
وختاماً ..
أفيقوا عباد الله من عُقدكم ومشاكلكم النفسية ونقائصكم فهذا ما تعانون منه والله هو الخجل المرضي الذي يحتاج لارشاد وعلاج وليس له أي علاقة بالدين ولا الحياء ، قد شرحنا الأمر باستفاضة حتى لا يكون هناك عذر لأحد ، واعلموا أننا لدينا حياء ودين ولا ننشر إلا ما ينفع الناس ونبتغي بما ننشر مرضاة الله عز وجل ونتمنى أن يكون شاهد لنا يوم القيامة وفي ميزان حسنات من يساهم فيه وصدقة جارية وعلم ينتفع به ، فغير معقول أن يكون هذا هدفنا ونبذل الجهد والوقت من أجل نشر ما يضر الناس .
أخصائي نفسي اكلينيكي
مرشد نفسي أسري
ليست هناك تعليقات:
كتابة التعليقات